أرحنا منك يا بلال فأنا محكوم
صفحة 1 من اصل 1
أرحنا منك يا بلال فأنا محكوم
أرحنا منك يا بلال
كتبها خالد الشافعي
لا أعرف لماذا تذكرت اليوم حكاية حدثت لى منذ عشر سنوات أو أكثر ، والحقيقة أننى لا أعرف كيف نسيتها أصلاً ، مع أننى سمعت فيها واحدة من أكثر العبارات مفاجأة وتأثيراً فى حياتى .
كنت أسير فى الأسكندرية مع رجل فى الستين من عمره ، لا تبدو عليه أى مظاهر لشدة تدين ، أو تبحر فى الدين ، أو حتى أمارات الحكماء ، رجل عادى جداً ، يعرض على شقة يمتلكها كى أقوم بتأجيرها منه ، التقينا عدة مرات قصيرة ، تبين لى بعدها أن صلاة الجماعة بالنسبة له خط أحمر ، لا يتأخر عنها قط ، كنا نسير بعد الصلاة يوماً ثم وصلنا إلى باب لا يسمح إلا بدخولنا واحداً تلو الآخر ، وكنت أنا على اليمين فقلت له تفضل ، فرفض ، ورد على بحسم وقوة بعبارة لا تزال شدة تأثيرها فىَّ إلى اليوم كلما ترددت بداخلى ، قال لى :
( أنا محكوم ) ، ثم شرح لى أنه مادمت أنا فى يمين الباب فلا يمكن أن يدخل هو أبداً لأنه محكوم بقانون الشريعة ، وهو ما يعنى أنه لا يستطيع أن يخالف هذا القانون فى صغير ولا كبير ، أنا محكوم يعنى أننى خاضع ومأمور ولا يمكننى أنا أخالف الحاكم ولا الأحكام، أنا محكوم يعنى لا مكان للهوى
أو للذوق أو للوجد أو للرأى الشخصى .
نعم ، نعم أنا محكوم ،
تلكم هى العبارة ، وهذا هو الموضوع ، تذكرت هذه القصة وأنا أفكر فى كلام الأستاذ بلال فضل ، ومع كامل احترامى لكل من رد على الأستاذ بلال ،
فالواقع أن الكثيرين سقطوا فى كمين التفاصيل والجزئيات ، وهى واحدة من أكبر مشاكل الأفاضل الذين يتصدون لرد شبهات المخالفين ، الإنجرار لوحل التفاصيل ، فتضيع القضية ، ويتميع الرد ،
ويتوه القارىء ، خلافنا الحقيقى مع خصومنا هو خلاف فى الأصول ، لما قام عبد العزيز الكنانى بين يدى المأمون لمناظرة أحمد بن دؤاد ، إشترط عبد العزيز أن يتفقا على أصل يعودون إليه عند الإختلاف ، لأنه فى غياب هذا الأصل
لا يمكن أبداً الوصول إلى نتيجة ، ويتحول الموضوع إلى مراء وجدال لا طائل من وراءه ، بلال فضل نشر وجهات نظره على أنها هى الشريعة والشرع هذا واقع لا شك فيه ، واعتبر أن رؤيته الشخصية هى الإسلام دون أن يضع أى قيد احترازى يجعل هناك احتمالاً لخطأ رؤيته أو رأيه بلال فضل
كتب فى علم ، إسمه علم الشريعة ،
دون أن يخضع لقوانين وأصول هذا العلم ، بلال فضل يتكلم فى أمور غيبية بحتة وكأنه يقرأ من اللوح المحفوظ دون أن يخبرنا كيف حدث هذا ، لو كان بلال محكوماً كصاحب هذه القصة ما فعل ما فعل ولا تجرأ .
الحل من وجهة نظرى أن نتفق أولاً معه على الأصل الذى نحتكم إليه عند الإختلاف ، فنقول له هذا كلام فى الشريعة قطعاً ، وهذه الشريعة علم له قواعده وضوابطه وأصوله
فإذا اختلفنا يا سيد بلال فى قضية من القضايا فإلى أى أصل نرد هذا الإختلاف ؟ للكتاب والسنة ؟ بفهم من ؟
فضلاً عن ان نلزمه ابتدءاً بسؤاله عن قيامه فى الخوض فى قضايا الشريعة دون أن يكون مؤهلاً لذلك ، فإذا ادعى أهليته قلنا له : هات دليلك ، شهادة شرعية ،
إجازة شيخ معتبر !!!
هل يقبل المجتمع لغير الطبيب أن يتكلم فى الطب ؟
أو لغير المهندس أن يبنى بيتاً فيه ألوف الأرواح ؟
لو كان بلال فضل محكوماً بقانون الشريعة كذاك الرجل الذى حكيت قصته فى السطور السابقة لما كنا كتبنا هذا المقال ، ولزال كثير من الخلاف ولما طرحت ألوف القضايا التى بلبلت عقول الخلق
هذه الطريقة فى مناظرة الخصوم أظن أنها قد توفر الكثير من الوقت والجهد ، خاصة وأن معظم خصومنا يعانون من جهل عميق بأبجديات الاسلام ، بل وبأصول الخوض فى موضوع شرعى
حين تقرأ كلام بلال وهو يقول :
( من هو الأبله الذي يتصور أن الله خلق مليارات البشر لكي يلعبوا دور الكومبارس في تمثيلية مشهد النهاية فيها أن يدخل المسلمون فقط إلى الجنة )
أقول حين تقرأ هذا الخطل فإنك
لا تملك سوى تجديد زفير الحسرة على
أن رجلاً بهذه العقلية له ملايين المعجبين ، الطوام التى فى هذه العبارة لا تعد
ولا تحصى ، وهى ليست فقط فيما يخص الجانب الشرعى بل فى تخصصه ككاتب وأديب ، هذا كلام هواة وخواطر
مراهق والرد عليه لا يحتاج إلى ذكر آية قرآنية واحدة ولا حديث نبوى واحد ،
كما فعل كثير ممن قاموا للرد عليه ،
أقول بدون ذكر آية واحدة أو حديث للرد على هذه العبارة أقول له :
هل من أدب الحوار وحرية الرأى أن تتهم من خالفك بأنه أبله؟
ثم أجيب على سؤالك بأننى واحد من هؤلاء البلهاء والذين هم جماهير المسلمين ، فلماذا تجعل رأيك أنت هو الإسلام وهو الحق ورأى مخالفيك هو البله ؟
ثم من نصبك لتتكلم باسم الله وتعلن عن مراده ومشيئته من هذه الحياة التى سميتها بمنتهى سوء الأدب تمثيلية ، ثم هل يقبل عقلاً أو نقلاً أن تتكلم فى علم من العلوم بدون أن تتكأ فى استنتاجاتك على أصول هذا العلم ؟
فأين فى علوم الشريعة وأصولها ما يوافق قولك ؟
ثم هل يقبل أن تقول رأياً بدون أن تذكر دليلاً عليه إلا أنك ترى ذلك الرأى ؟
ثم أليس من النزق والطيش ألا تتحرز بأى عبارة تجعل من كلامك صواب يحتمل الخطأ كأن تقول :
أرى أو اعتقد أو أظن ؟
تقول :
( كيف تصدق أن الله عادل وأنت تؤمن أنه سيدخل إلى النار شخصا آمن به على طريقته ونفع الناس ولم يؤذ أحدا وعمل الصالحات كيف يكون هذا عدلا )
السؤال :
هل علمك الله الأسماء كلها كما علمها آدم عليه السلام ؟
وهل تعريفك الشخصى وتصورك أنت للعدل هو ما ينبغى أن يعتقده المسلم ليكتمل إيمانه ؟
تقول أيضاً
( كيف أؤمن برحمة الله وأنا أكره مجرد الإقرار أن رحمته يمكن أن تسع جميع الذين عملوا صالحا وأن جنته يمكن أن تسع كل الصالحين والمحسنين)
أعود فأسالك :
هل الرحمة من وجهة نظرك هى ما ينبغى أن تكون عليه الرحمة ؟
هل يجب على الله ( وحاشاه سبحانه) أن يرحم من تراه انت مستحقاً للرحمة ؟
وهل لأنك قرأت التفاسير كما تزعم يعطيك هذا الحق أن تخالف أصول العلم خاصة إذا كان الأمر يتعلق بعقيدة ودين الناس وخاصة إذا كان ما وصلت إليه يخالف الدليل الصريح والعقل الصحيح ؟
الله يرحم من عمل صالحاً وأحسن بشرط أن يكون العمل صالحاً وحسناً من وجهة نظر قانون الشريعة أما أن يكون ذلك مطابقا لقانون الحسن والصلاح عند بلال فضل فهذا هو الضلال
يقول بلال فضل الطيب :
( نحن الأمة التي تحملت الظلم والإستبداد وتعايشت مع الفساد والزيف ولم تقدم للعالم شيئا يذكر منذ قرون ومع ذلك سندخل الجنة ويدخل غيرنا النار
هل كنت أمينا على استخلافك في الأرض؟ لا هل عشت حرا كريما ؟ لا هل قدمت شيئا للبشرية ؟ لاهل عشت عالة على غيرك من الأمم ؟
نعم لماذا تستحق الجنة إذا ؟
مصطفى عبدالله- عائد إلى الله
- عدد المساهمات : 383
تاريخ التسجيل : 05/10/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى